الأربعاء، 29 أغسطس 2012

غدا سيكون أجمل يا صومال..انتخابات رئاسة البرلمان خطوة في الطريق الصحيح

اليوم أبارك للجواري..
وها أنا أجدد لكم حـواري..
يـا صـومال أبدا لن تنهاري..
فـمكانتك في القلب يا داري..
ابتهجي وقـولي غـداً إعماري..
فـهاهـم أبنائي قـد باتوا بجـواري..
حظي البروفيسور محمد شـيخ عثمان جـواري بثـقـة أغلبية أعـضاء البرلمان الـصومالي ليصبح أول رئيس برلمان رسمي بـعـد ما يزيد عـن عـقـدين من معاناة البلاد من الحروب الأهـلية ثم من الحكومات الانتقالية. وقـد حصل جواري في الجولة الأولى من الانتخابات على 119 صوت بينما حصل الدكتور على خليف جلير على 77 صوت وحصل النائب عبده حاشي عبدالله على 23 صوت بالإضافة إلى 10 أصوات للنائب عبدالرشيد محمد حدغ و5 أصوات للنائب حسن أبشر فارح. وكان فارق الـ40 صوت في الجولة الأولى عن أقرب منافسيه الدكتور على خليف جلير كافيا ليعلن الأخير انسحابه من الجولة الثانية لتعـلن بعـدها اللجنة البرلمانية المكلفة بالانتخابات تعيين البروفيسور محمد جواري رئيسا للبرلمان الصومالي. وقـد لاقى خبر انتخابه ارتياحا وقبولا من شريحة واسعة من الشعـب الصومالي لما يتمتع به الرجل من سيرة حميدة ومؤهلات أكاديمية رفيعة وخبرة سياسية لا يستهان بها. جواري المولود في مدينة أفجوي بمحافظة شبيلى السفلى عام 1945 ليس وجها جديدا عـلى الساحة السياسية فقد سبق له تقلد مناصب وزارية في نظام الرئيس الراحل محمد سياد بري. هذا وسيظل يوم انتخاب جواري لسدة رئاسة البرلمان في 2012/8/25 يوما للذكرى ونقطة تحول في تاريخ الصومال الحديث إذا ما أخذنا بعـين الاعتبار أن هذه أول انتخابات تجري داخل البلاد حيث جرت جميع الانتخابات المختلفة خلال الفترة الانتقالية المنتهية (2000-2012) خارج البلاد. بجانب أنها أول انتخابات يختار فيها برلمان صومالي رئيسه منذ 34 عام فـبعـد استيلاء الراحل سياد بري على الحكم في انقلاب عام 1969 تحول الحكم المدني إلى حكم عسكري  عمل فيه بري على تكريس قطبية حزبه الاشتراكي وتعزيز سلطته السياسية ليلغى مفردة "الانتخابات" من قاموس الساحة الصومالية.
ويخلف البروفيسور جواري في رئاسة البرلمان أسلافه ممن اعتلوا سدة رئاسة البرلمان خلال تعاقب السلطات الانتقالية في العـقد الماضي وهما أدن محمد نور مادوبي وشريف حسن أدن وللمفارقة فإن الأخير هو أول وآخر رئيس لبرلمان انتقالي في تاريخ الصومال. وإذا ما استثنينا الفترة الانتقالية المنتهية مؤخرا، فإن جواري يعتبر ثالث رئيس برلمان منتخب في تاريخ الصومال منذ استقلالها عام 1960 حيث انتخب أحمد محمد الإسحاقي رئيسا للبرلمان واستمر في منصبه حتى عزله عام 1967 ليختار أعضاء البرلمان آنذاك الشيخ مختار محمد حسين لرئاسة البرلمان. واستمر مختار في منصبه حتى انتهاء فترة الحكم المدني وحدوث الانقلاب العسكري عام 1969 ومنذ ذاك العام وحتى سقوط نظام بري عام 1990 لم يعـد للبرلمان وجود في ظل حكم عسكري استفرد بصناعة القرار وإدارة الأمور. وتسبب غياب حكومةٍ مركزيةٍ عن المشهد السياسي بدخول الصومال في أتون حرب أهلية عصفت بجميع مؤسسات الدولة فبات الحديث عن وجود ديمقراطية في مقديشو أشبه بالحديث عن المدينة الفاضلة التى لا وجود لها في عالم الواقع.
ندرك تمام الإداراك أن المثالية لا مكان لها في الحالة الصومالية الراهنة فمازال للمال السياسي وللمحاصصات القبلية دورها في اختيارات الساسة الصوماليين ولكن مجرد اجراء انتخابات برلمانية شفافة في مقديشو لأول مرة منذ ثلاثة عقود تأكيد على أننا نمضي قدما في الطريق الصحيح. وما وصول اثنين من أصحاب السيرة الحميدة والمؤهلات الأكاديمية للجولة الثانية من انتخابات رئاسة البرلمان إلا اثبات على نضج الوعي وإدراك الأعضاء للمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهم بـعد أيام من الآن حين ينتخبون أول رئيس رسمي للبلاد منذ سقوط بري. صحيح أن الشعب لا ينتظر الكثير من عملية تحول الحكومة من انتقالية إلى رسمية بل أن الأمر في ظاهره يبدو للكثيرين شكليا وأن الضغـوط الدولية الرامية لسرعة انجاز العملية ما هي إلا ذر للرماد في العيون في اطار السعي لاستنزاف مقدرات وموارد الصومال الطبيعية مستقبلا. هكذا هي السياسة لا مكان فيها للعاطفة وعلى ساسة الصومال أن يدركوا أنهم أمام نقطة فارقة فإما أن يخلدوا في التاريخ أبطالا لكل الأمة الصومالية أو يفرطوا في الأمانة ليكون المصير مزبلة التاريخ. ختاما لا ادعي انني افقه في السياسة وآسف أن مصير بلدي معلق بدهاليز سياسةٍ سئم منها شعبٌ يريد الحياة بأمن.. شعبٌ سئم الحرب منذ زمن. هي كلمات تخالجني أردت البوح بها وإن كان الخيار ما بين التفاؤل والتشاؤم فإني اختار الأول اتباعا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم "تفاءلوا بالخير تجدوه" وبإذن الله غدا سيكون أجمل يا صـومال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق