الأحد، 30 سبتمبر 2012

المجلس الثقافي يعقد بنجاح مناظرة صومالية شبابية عن الهجرة في الكويت

أقام المجلس الثقافي الصومالي في دولة الكويت مناظرة بعـنوان "الهـجرة إلى الخارج.. مـع أو ضـد" وذلك في يوم الجمعة الموافق 29/9/2012. هذا وتعتبر هذه الفعالية هي الأولى من نوعها بين شباب الجالية الصومالية في الكويت حيث أتت بمبادرة وفكرة جميلة من أعضاء المجلس ولاقت قبولا واستحسانا منقطع النظير من جميع أطياف الجالية حتى وصل صداها إلى خارج حدود الكويت حيث عبر الكثير من الصوماليين المغتربين في مختلف أنحاء المعمورة عن اعجابهم الشديد بالفكرة ورغبتهم في المشاركة بالحدث من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. وقد شارك في المناظرة فريقان يتألف كلا منهما من ثلاثة أعضاء حيث ضم الفريق المؤيد للهجرة كلا من الأخت رنده محمد والأخت أمل شوكري والأخ عبدالرحمن عابي بينما ضم الفريق المعارض لفكرة الهجرة كلا من الأخ فارح أبين والأخ عبدالرشيد أيانلي والأخت فاطمة نور وكانت المناظرة تهدف لمناقشة موضوع هجرة الشباب الصومالي إلى الغرب من خلال الظاهرة التي تعارف الصوماليون على تسميتها بـ"الإسديب" بالإضافة إلى الهجرة بشكل عام وعلاقتها بالإنسان الصومالي بشكل خاص. وقد جرت المناظرة بحضور كبار الجالية الصومالية ونخبة من الشباب الصومالي  المثقف ولجنة التحكيم التي تألفت من ثلاثة أعضاء وفي مقدمتهم الدكتور محمد موسى بدل والأستاذ عبدالكريم مختار والأستاذة زهور علي بجانب تواجد شخصيات مرموقة تمثلت في القنصل الصومالي في الكويت السيد أبيب موسى فارح وقنصل جيبوتي في الكويت السيد فارح عبدالرحمن بالإضافة إلى  كافة أعضاء المجلس الثقافي الصومالي بقيادة رئيسه المهندس محمد عبدالكريم الذي أدار جلسة المناظرة بنجاح واقتدار.
بدأت المناظرة بكلمة افتتاحية لرئيس المجلس الثقافي المهندس محمد عبدالكريم رحب فيها بالحضور وأوضح بعدها هدف المجلس الثقافي من تنظيم المناظرات الذي يكمن في محاولة ترسيخ وممارسة فن الحوار في إطار ثقافي بين شباب وشابات الجالية الصوماليه والإستماع لوجهات النظر المخالفة حول القضايا المختلف عليها وذلك باستخدام الحجج والبراهين المنطقية في هامش كبير من الحرية لتنمية مهارات التحاور وسرعة البديهة مشيراً إلى أن المجلس الثقافي الصومالي  هو المحفز والمحتضن للشباب الصومالي الراقي الذي يسعى لخدمة مجتمعه ثم شرح فكرة المناظرة والطريقة التي ستدار بها من خلال توضيح الوقت المسموح به لكل عضو كما حرص على تقديم فرسان الأمسية المناظرين الست في أسلوب جميل وسط تشجيعات الجمهور الذين كان متحمسا في تجربته الفريدة بمتابعة مناظرة بين الشباب الصومالي لأول مرة في الكويت. باكورة المناظرة كانت مع الأخت أمل شوكري عضوة الفريق المؤيد للهجرة التي استهلت مسودة مرافعتها في الدفاع عن الهجرة بالأية القرآنية ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)[النساء:97] لتستند بها كدليل على وجوب الهجرة في الشريعة الإسلامية في حالات معينة ومن وجهة نظرها ذكرت أنه بمجرد أن تعارض الهجرة فأنت تعارض كلام الله تعالى. وعرفت الهجرة بأنها مصطلح ديموغرافي يقصد به الهجرة والانتقال من مكان الى اخر وهي أيضا تعني الاغتراب من الوطن الأصلي لوطن ثاني بحثا عن فرصة أفضل للحياة. وصنفت شوكري الهجرة إلى 3 أنواع حيث ذكرت أن النوع الأول هي الهجرة الاختيارية تكون بارادة الشخص وذلك طلبا للقمة العيش بالإضافة إلى الهجرة الإجبارية نتيجة الزلالزل والكوارث الطبيعية المختلفة ثم الهجرة السياسية للأفراد نتيجة مضايقات السلطة الحاكمة. واعتبرت ان الصوماليين يندرجون تحت النوع الثالث من الهجرة حيث أنهم مهاجرون سياسيون ليس لمضايقات السلطة بل لانعدام السلطة وغيابها مما ترتب على ذلك عدم قدرتها على السفر لبلادها والتنقل فيه بحرية لمجرد أنها تنتمي لقبيلة قد لا تروق للبعض متناسين أن مشكلتهم الحقيقية ليست مع ذاك الإنسان الصومالي الضعيف الذي لا حول له ولا قوة في صراعات قبلية صنعها الساسة. وأكدت أن المواطن الصومالي يفتقد في بلاده للحقوق الثلاثة التي وضعتها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين كأساس للحياة وهي حق الحياة الكريمة وحق الحصول على المساعدات الإنسانية وحق الحماية والأمن. وبعيدا عن كلام الخبراء أشارت أمل في ختام كلمتها إلى أن العامل النفسي قد يلعب دورا في دفع البشر نحو الهجرة وأن هذا العامل يصبح حينا ملزما للإنسان الذي لا يجد راحته في بلد ما فيقرر الهجرة. وبانتهاء كلمتها توقع الجميع المناظرة قد حسمت قبل أن نسمع وجهة النظر المعارضة التي كان في جعبتها المزيد مع الأخ فارح أبين أول المتحدثين من أعضاء الفريق المعارض للهجرة ولم يختلف فارح في مقدمته كثيرا عن نظيرته أمل شوكري حيث استشهد بالآية الكريمة (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[سورة الملك:15] ليبين أن الهجرة في حد ذاتها وسيلة للعيش الكريم لا غاية، وقال أن مفهوم الهجرة غير واضح لدى البعض فهناك من يعتقد أن الكويت هي وطنه الدائم بمجرد إقامته فيها وهذا ما يرفضه بشده موضحا أنه في حقيقة الأمر وحسب احصائيات الأمم المتحدة فإن الصومال ثالث أكثر دولة من عدد المهاجرين بعد أفغانستان والعراق لذا فنحن مهاجرون نتحدث عن الهجرة. كما عبر صراحة عن رفضه الهجرة من الكويت إلى بلاد الغرب سواء بشكل قانوني أو غير قانوني لمجرد اعتقاد الشخص أن الفشل هو مصيره في الكويت دون أي محاولة للبحث عن فرص النجاح المتاحة ودون إدراك من المقيم الصومالي في الكويت بعوامل القوة التي يتمتع بها مقارنة بغيره من الأجانب.  فالإنسان الصومالي يتمتع بـاثنتي عشرة سنة من التعليم المجاني بالإضافة إلى سهولة اللغة العربية التي هي ليست بغريبة على الشعب الصومالي المسلم على عكس المهاجرين للدول الغربية الذين يواجهون صعوبات في تعلم لغة جديدة  تكلفهم ضياع سنوات من العمر وكذلك نجاح الصومالي في الاندماج وقدرته الفائقة في الانصهار في بوتقة المجتمع الكويتي. ومن سلبيات الهجرة تلك الهجرة الغير القانوينة "الإسديب" التي يعتبرها مغامرة غير محسوبة العواقب ومحفوفة بالمخاطر العدد الكبير من الأرواح التي ضاعت وهي تحاول الهجرة إلى ما أطلق عليه "وهم الحلم الغربي" وختم فارح أن معركته ضد الهجرة ليست مع الشباب الذي يعاني الأمرين في الداخل الصومالي بل مع الشباب الذي يعيش في الخليج عموما وفي الكويت خصوصا ويهاجر ليطارد وهم الحلم الغربي. فكان رسالة فارح الواضحة كافية لإعادة التوازن بين الفريقين.. وما كانت لترضى المتحدثة الثانية من الفريق المؤيد للهجرة الأخت رنده محمد باستمرار حالة الاتزان فكانت مسودتها كافية لحسم الصراع لصالح الفريق المؤيد بالضربة القاضية.
بجرأة في الطرح وبانتقاء للكلمات المناسبة ذات الوقع الشديد في مخاطبة العقل قبل الوجدان لإيصال الفكرة المنشودة بدأت الأخت رنده محمد مسودتها للدفاع عن الهجرة بهجوم قوي عبرت من خلاله سخطها على الأوضاع المتردية في الصومال من الناحية الأمنية والإقتصادية والإجتماعية معللة أن قدر الإنسان الصومالي الذي ينتمي حسب وصفها لـ"أفشل دولة في العالم" يجعله يفكر في الهجرة ويحلم بالإرتماء في أحضان الدول الغربية وهو حلم لا يقتصر على ابناء الصومال في الداخل بل حتى للمقيمين في الكويت مخالفة في ذلك ما ذهب إليه فارح أبين ومبررة ذلك بأسباب كانت هي المحور الرئيس لكلمتها. فأولى الأسباب التي تدفع الصومالي للهجرة من الكويت للغرب هي سياسة "المواطن أولا ثم الغربي" حيث أكدت ذلك من خلال تجربة فتاة صومالية كانت تمتلك مؤهلات أكاديمية رفيعة وتعمل في شركة مرموقة ولكنها فجأة صدمت بواقع فقد منصبها لتصبح مرؤسة تحت رحمة مواطن يقل عنها في الكفاءة وفي الشهادة الأكاديمية وأوضحت أن أساس التقدير هنا ليس الكفاءة بل الجنسية من خلال حديثها عن تجربة مهندس صومالي كان يعمل في احدى الشركات الكويتية وارتقى في سلمه الوظيفي حتى وصل لمرتبة لم يعد مسموحا له بتحاوزها فما كان منه إلا أن هاجر للغرب وعاد بعد سنوات بجوازه الأوروبي ليعين في منصب مرموق بذات الشركة مع امتيازات تشمل السكن والسيارة وغيرها من الامتيازات التي لم يكن ليحصل عليها لولا جنسيته الغربية.  ومن الأسباب التي تدفع الشباب للهجرة للعالم الغربي أزمة الهوية والانتماء التي يعاني منها الشاب الصومالي الناشيء في دول الخليج فهو وإن ولد وعاش عقود لن يحصل على الجنسية ولا على حق الإقامة الدائمة ولا ينتظر يوما أن يُعامل كمواطن خليجي رغم نشأته في هذه البيئة كما أنه يجد رفضا من مجتمعه الصومالي الذي يطلق عليه أوصاف وألقاب للتنذر والسخرية كـ"عيال عصير" و "ما يخالف" وغيرها من المصطلحات فتكون الهجرة للغرب هي البديل حيث بالإمكان أن تتاح له فرصة الحصول على الجنسية ليعامل كمواطن مستوفي لكامل الحقوق بما فيها الحقوق السياسية ففي النرويج مثلا تم تعيين شابة باكستانية الأصل بعمر 29 سنة كوزيرة.  كما أن سياسة التعسف ضد المقيمين في الكويت عامل طارد من جهة ومحفز للهجرة نحو الغرب من جهة ثانية حيث أن الشاب الصومالي بعد تخرجه من الثانوي في حال عدم توفقه للحصول على تعليم جامعي يحرم من أبسط حقوقه وهو حق قيادة السيارة حيث لا تستخرج رخصة القيادة إلا لحملة المؤهلات الأكاديمية أصحاب الرواتب التي تتجاوز 600 دينار كويتي أي ما يعادل 2000 دولار أمريكي تقريبا.. فأي شاب صومالي هذا الذي يحصل بشهادة الثانوية وظيفة بهذا الراتب؟!!! هذا المغلوب على أمره الذي وإن وجد عملا فإن جزء كبير من راتبه سيصرفه على التكاسي ووسائل المواصلات. وبجانب هذه السياسة هناك أيضا محاولة لتصحيح أوضاع البلد على حساب المقيمين فقضية البدون الذين تكن لهم رنده كامل الاحترام تشكل هاجسا للحكومة الكويتية وحلها يتأتي من خلال الضغط على الوافدين حيث تفاجأ عشرات المعلمين المصريين بعد انتهاء اجازاتهم السنوية وعودتهم للكويت بفسخ عقودهم والتعاقد مع معلمين من فئة البدون بجانب التضييق على الصوماليين في مجال التعليم الجامعي بايقاف التحويل بين الكليات.  وتطرقت رنده في كلمتها للوضع الأمني في المنطقة وما يتم تداوله من نزاعات لا تخفى على أحد بين ايران ودول الخليج من جهة واسرائيل من جهة اخرى مما يعني أن الخليج منطقة صراع مهددة بأن تحدث فيها حرب عسكرية في المنظور القريب وفي حال حدوث ذلك فإن كافة دول العالم تهتم برعاياها حتى المجنسين منهم وتحرص على سلامتهم وقد تحرك اسطولا من أجل حماية أحد أفراد رعاياها بينما الإنسان الصومالي الذي حتمت عليه الظروف الإقامة في الخليج فلا دولة تهتم لشأنه وعليه أن يكابد ظروف الحرب وحده واستذكرت ذكرياتها مع الغزو العراقي على الكويت عام 1990 والغزو الأمريكي للعراق في 2003 وكيف أنها كحال كل الصوماليين هنا عانت الأمرين باعتبارهم كانوا بين مطرقة اضطراب الخليج وسندان عدم الاستقرار في الصومال. كما تساءلت  عن المانع في أن يبحث مهاجر سياسي لاجيء منذ 22 عام عن فرصة أفضل للحياة؟!! ولم تكتف بهذا الحد بل أضافت غياب ديمقراطية التعليم في الكويت إلى قائمة أسبابها المشجعة للهجرة حيث ذكرت أنه رغم المقاعد الخمس التي توفرها جامعة لكويت للطلبة الصوماليين إلا أنها لا تلبي طموحات هؤلاء الشباب واعتبرت نفسها نموذجا لشابة أجبرها غياب مفهوم ديمقراطية التعليم على دراسة تخصص لم تكن ترغب فيه شأنها في ذلك شأن الكثيرين. وأشارت إلى حلم الإنسان الصومالي بالجواز الغربي ما هو إلا رغبة منه للتمتع بحقه في حرية السفر والحركة فأقصى قدرات حامل الجواز الصومالي أن يقضي إجازته الصيفية في برعو أو مقديشو دون أن يكون له حق له في السفر للسياحة إلى باريس، لندن أو حتى روما إلا في حالات استثنائية. وختمت رنده محمد كلمتها بأن خيار الفشل في الغرب اختياري بينما خيار الفشل في الكويت اجباري. وقبل انتهاء الوقت الممنوح لها كانت رنده قبل أنهت كل حديثها وبدا لوهلة أن كل من في القاعة استعد رسميا للهجرة متأثرين بكلامها الصريح والمباشر الذي لامس حقيقة معاناة الفرد الصومالي في الكويت تحديدا.

وأتى الدور على الأخ عبدالرشيد أيانلي لاستعادة تعاطف الجمهور الذي بدا منحازا للفريق المؤيد للهجرة واتسمت مسودته في بدايتها بالجانب الوعظي الإرشادي حيث استشهد بقوله تعالى (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) [سورة الزمر:46] كما استشهد بقول الإمام الشافعي ( ما جادلت أحدا إلا وددت أن يجري الله الحق على لسانه ) وبدا أن عبدالرشيد يحاول العودة بالمناظرة إلى نقطة البداية من خلال استشهاداته في وقت كان الجمهور متعطشا ليرى حقائق دامغة توضح سلبيات الهجرة التي عرفها أيانلي بأنها الانتقال من بلد إلى اخر وأنه يعارض فكرة الهجرة من الكويت للدول الغربية حيث رأى أن فرص النجاح متوفرة في الكويت وأن لا عذر في من يفشل فمن يفشل في مجتمع الكويت يعني بالتأكيد أنه يفشل في مجتمع اخر يفتقد لقيم وتقاليد الإسلام كالمجتمعات الغربية. واسهب عبدالرشيد بعدها في شرح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم  (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا) ليوصل رسالة مفادها أن المقيم الصومالي في الخليج يتمتع بكافة الحقوق التي تؤهله للعيش في حياة كريمة بعيدا عن أحلام الرفاهية والترف مؤكدا أن غالبية من يسعون للهجرة يفتقدون القناعة. وذكر أن الظروف مهيأة للجالية الصومالية التي لا يتجاوز عددها 4000 شخص للتأقلم مع تغيرات المعيشة في الكويت بحكم عددها القليل مقارنة ببقية الجاليات. واستمر عبدالرشيد في الحديث حتى وصل للمنشود حيث أتي بإحصائيات مخيفة من السويد التي تضم أعداد كبيرة من الجالية الصومالية مؤكد أن 50% من النساء الصوماليات هناك مطلقات أو يعشن دون أزواجهن وأن 75% من الشباب لم يتمكنوا من الحصول على شهادة الإعدادية. وأكد أن سياسة الرأسمالية هي الدافع الوحيد للغرب لاستقبال المهاجرين فالمميزات التي يتغنى بها البعض ما هي إلا نتيجة لمبدأ هذه الدول الرأسمالي "أعطيك لتعمل ثم أخذ من يمينك" وأكد أن هناك دول عربية فيها من الانفتاح الاقتصادي ما يسمح للكثيرين بالعمل التجاري الحر كما هو الحال في دبي. وعاد عبدالرشيد ليختم مسودته كما بدأها بكلمات بدت ارتجالية إرشادية حيث برر عدم تشجيعه الهجرة للغرب ورفضة لديمومة العيش والاستقرار فيها بالصعوبات التي يواجهها الآباء في تربية الأبناء مما نتج عنه الكثير من الانحلال الأخلاقي بين الشباب والشابات الصوماليات بالإضافة إلى عدم قدرة الآباء هناك في ممارسة حرية تربية أبنائهم بالطريقة التي يرونها مناسبة وإن حاول الأب اجبار ابنه على شيء فأن الابن يتمرد ويشتكي والده للسلطات وذكر أن التشريعات الغير متوافقة مع الشريعة الإسلامية أدت لعدم التزام الكثير من الفتيات الصوماليات بارتداء الحجاب أو ملابس محتشمة بالإضافة إلى منع هذه الدول حقوق كفلتها الشريعة للرجل كحق تعدد الزوجات وحق العصمة. واستدرك ليختم بأنه يؤيد الهجرة الي الغرب بشرطين أولهما البحث عن العلم فكم من الأكاديميين الصوماليين الذي خرجوا من بلاد الخليج وحازوا أعلى الشهادات ويلقون حاليا معاملة خاصة تختلف عن نظرائهم الغربيين لا لشيء سوى لأنهم من أصول صومالية وثانيهما إذا ما آمن الشخص على أخلاقه وعرف كيف يعيش حياته بشكل ينال فيه مبتغاه من لقمة العيش الكريمة بعيدا عن متاهات الفساد الأخلاقي الذي ابتلي به الكثير من مهاجري الغرب الصوماليين.

 وكانت اخر مداخلات الفريق المؤيد للهجرة مع الأخ عبدالرحمن عابي الذي خفف من وتيرة الأسلوب المباشر والقوي في تأييد الهجرة وبدأ مسودته بكلمات ترحيبية بالحضور وشكر للمنظمين ليدخل بعدها في صلب الموضوع من خلال طرحه الذي بدا فيها انه يتبع سياسة مسك العصا من المنتصف فهو أشاد في كلمته بالكويت وقدم له جزيل الشكر والامتنان على ما توفره للمقيمين الصوماليين على أراضيها من خدمات مثل حق التعليم المجاني حتى المرحلة الثانوية بالإضافة إلى المنح الجامعية التي ورغم قلتها وتحفظاته عليها كقصورها على عدد محدد من الكليات ومنع حق التحويل مؤخرا إلا أنه رأى أن هناك مبررا لذلك ناتج من عدم وجود تبادل ثقافي بين البلدين فالكويت لا ترسل طلبتها لجامعات صومالية لينتفي هنا شرط التفاوض حول شروط المنح الدراسية بالإضافة إلى ضعف الدولة الصومالية في الدفاع أو محاولة البحث عن مميزات لرعاياها. ورغم ذلك إلا أنه لا ينكر تأييده التام للهجرة إلى الغرب معتبرا أنها من وجهة نظره حركة لتطوير الذات حيث أنه لا يوجد مجال كافي للإبداع في الكويت على عكس المجال المتاح في الدول الغربية التي تنظر لكفاءة الشخص وقدرته فتنظر للمهاجرين باعتبارهم استثمار جيد للدولة مانحة كافة الحقوق لهم بما فيها الحقوق السياسية حيث نرى الكثير من الكفاءات الصومالية التي حظيت بثقة هذه الدول فنالت أعلى المراكز وأصبح لها تواجد في البرلمانات. وشدد أن آفاق الهجرة القانونية لأوروبا مفتوحة لأصحاب الكفاءات ونصح الشباب بأن يستزيدوا من العلم والخبرات ويفكروا بعدها في الهجرة للغرب الذي يفتح الباب أمام هجرة العقول. ومن جهة اخرى أوضح عبدالرحمن أنه ضد الهجرة الغير القانونية "الإسديب" ولكنه يتفهم الأسباب التي قد تدفع "شباب زي الورد" لخوض هذه المغامرة. حيث أن هناك صعوبات جمة وكثيرة في الكويت لبعض الشباب الذين تخرجوا من الثانوية العامة ولم يجدوا فرصة للالتحاق بالجامعات فأصبح بين نار الترحيل لانتهاء الإقامة أو حتى تشكيل عبء على ذويهم حيث أن بعض العائلات الصومالية تعاني الأمرين في ظل عدم كفاية دخل المعيل الوحيد لهذه العائلة لتغطية الاحتياجات الضرورية لحياة عائلة قد يصل عدد أفرادها إلى عشرة أحيانا فما بالك بتحمل مصاريف ارسال هذا الشاب للالتحاق بجامعة خاصة وهنا قد اتفهم اسباب من يلجأ للهجرة الغير قانونية. وبذات النسق والوتيرة الهادئة بدأت الأخت فاطمة نور كلمتها بالحديث عن تجربة العداءة الصومالية سامية عمر يوسف التي ماتت غرقا أثناء محاولتها الهجرة لأوروبا مؤكدة أن هذه واحدة من المواهب الفذة التي فقدتها الصومال شأنها في ذلك شأن الكثير من الكفاءات الصومالية التي ضحت بحياتها وهي تخوض مغامرة الهجرة الغير قانونية "الإسديب". ورأت فاطمة أن ما ينقص الإنسان الصومالي هو أن يتأقلم مع محيطه كما يقول الشيخ محمد العريفي في كتابه استمتع بحياتك "عش حياتك بما بين يديك من معطيات لتسعد " حيث أن القمة تتسع للجميع وكل صومالي لديه فرصة ليكون عظيما في بلاده المليئة بالخيرات والثروات والمعادة الطبيعية التي تجعل الصومال أغنى دولة في العالم ولكن عدم وجود سلام حقيقي يدفع الكثيرين للاغتراب تحت تأثير الصورة التي يتصورها الجميع بأن المعجزات تصنع في أوروبا. فتجد أن عائلة صومالية مستعدة لبيع بيتها وكل ما تملك لتدفع تكاليف هجرة أحد أفرادها فإن نجا ووصل لأوروبا ربما كان سببا في نقل أهله للغرب. ولكنه قد يكون الوحيد من بين مجموعة تسافر بمركب يفتقد لأبسط شروط السلامة بعد أن يتجاوز صحراء نفس صحراء ليبيا المحفوفة بالمخاطر بالإضافة إلى ما نسمعه من حالات اغتصاب الفتيات المهاجرات وربما تعرضهم للموت نتيجة عدم تحمل هذه الظروف الصعبة. ويعاني الكثيرين بـالغربة لعدم نجاحهم في التأقلم مع مجتمع متحرر من العادات والتقاليد الإسلامية المحافظة بجانب نقص المادة لبناء المساجد وهذا يثبت لنا أن الحياة جميلة ولكن لكل شيء ثمن وأن في أثناء بحثنا عن المفقود قد نفقد الموجود. وشارك في المناظرة الأخ سعيد دامي المقيم في النرويج عبر الاسكايب حيث أشاد بفكرة المناظرة وأثنى على شباب الجالية  الصومالية في الكويت وحثهم على المزيد من هذه الملتقيات وتحدث بعدها من واقع تجربته الشخصية حيث بدا من كلامه تأييده للهجرة إلى الخارج موضحا أن انسداد أفاق الإبداع في الدول العربية على جميع الأصعدة هو الدافع للهجرة إلى الغرب الذي يقدر الكفاءات ليؤكد كلام الاخت رنده حول الوزيرة النرويجية من أصول باكستانية.

وبـعد سماع مختلف وجهات النظر من فرسان المناظرة الست فتح الباب للنقاش والتساؤلات فيما بينهم من خلال مرحلة الاستجواب التي شهدت شدا وجذبا بين الفريقين من خلال الأسئلة المطروحة التي حاول من خلالها كل طرف تقوية موقفه وتبيان ضعف حجة الطرف الاخر. كما اتيح المجال للجمهور لألقاء اسئلة وجهت معظمها للفريق المعارض للهجرة حيث بدا غالبية الحضور مقتنعين بأطروحات الفريق المؤيد للهجرة. ولم يختلف حال لجنة التحكيم كثيرا عن الجمهور حيث أنها اعلنت في نهاية الأمسية عن فوز الفريق المؤيد للهجرة والمكون من الأخت رنده محمد والأخت أمل شوكري والأخ عبدالرحمن عابي بفارق نقطتين عن الفريق المعارض للهجرة حيث حصل الفريق الفائز بالمناظرة على 77 نقطة مقابل 75 نقطة للفريق المقابل. وكان تقييم لجنة التحكيم مستندا على أسس أبرزها نجاح الفريق في استمالة الجمهور ولجنة التحكيم لرأيه من خلال أدلته وبراهينة. واختتمت المناظرة بكلمة من نائب رئيس المجلس عبدالله درر أكد فيها سعي المجلس لعمل عديد المناظرات مؤكدا انه هذه هي البداية شاكرا فيها الجميع على المشاركة في انجاح هذا الحدث.